
وخز العضلات أو التنميل متى يجب أن تقلق؟
شعور الوخز أو التنميل هو شعور معروف، وكلّنا قد اختبرناه من قبل، كأن نجلس في وضعية خاطئة لوقت طويل، أو ننام لمدة طويلة على جانب واحد، فكلّ ذلك مفهوم وطبيعي.
لكن هناك أشخاص قد يشعرون بإحساس الوخز أو التنميل في العضلات، في جميع عضلات أجسامهم، بشكل متكرّر وبدون سبب واضح.
وقبل أن تُفكّر وتقلق وتبدأ في حيرة لا نهاية لها، سأخبرك متى ينبغي القلق ومتى لا يستدعي الأمر القلق، ومتى يكون الوخز في العضلات مشكلة بسيطة جدًّا وسأخبرك بحلّها، ومتى يكون شعور الوخز هذا مشكلة تستدعي الانتباه والبحث عن السبب، فقد تكون أول علامة ظاهرة على مشكلة صحية معينة.
الشعور بالتنميل أو الوخز في العضلات مسألة شائعة إلى حدٍّ ما، وقد تكون قد مررتَ بها في فترةٍ ما من حياتك ثم اختفت، أو لا زلتَ تعاني منها في الوقت الحالي. والحقيقة أنها في معظم الأحيان تكون عرضًا لخلل بسيط جدًّا في أنواع معيّنة من المعادن والفيتامينات، أو لمشكلات أخرى بسيطة أيضًا. وقد يكون الأمر أكبر من ذلك.
الأسباب الأكثر شيوعًا لوخز العضلات
فلنبدأ بالأسباب البسيطة، لأنها الأكثر شيوعًا، وسأخبركم بكيفية التعامل معها.
أول سبب شائع جدًّا لمشكلة الوخز في العضلات هو اختلال توازن الإلكتروليتات أو المعادن الأساسية في الجسم، مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم.
خلل المعادن هذا قد يسبب خللًا في نقل الإشارات الكهربائية داخل الجسم، وهي عملية تتمّ عن طريق الجهاز العصبي، فيرسل الجهاز العصبي إشاراتٍ نوعًا ما عشوائية من وإلى الدماغ والحبل الشوكي، ما قد يسبب الشعور بالوخز والتنميل.
ويحدث خلل المعادن لأسباب كثيرة، أشهرها بالطبع سوء التغذية، كأن يكون طعامي الذي يُعدّ مصدرًا لتلك العناصر، فقيرًا بها.
وبالطبع، الأشخاص الذين يعتمدون بشكل أساسي على الوجبات السريعة والطعام المُعالج، ولا يتناولون الخضروات أو الفواكه أو المكمّلات الغذائية، من أين لهم أن يحصلوا على هذه المعادن؟
فإن كنتَ واحدًا من هؤلاء... فقد عرفتَ الآن سبب وخز العضلات لديك.
اضبط نظامك الغذائي، تناول السلطة مع زيت الزيتون، خذ ماغنيسيوم أو تناول بودرة الإلكتروليتات، وطريقة تحضيرها في المنزل موجودة في حلقة على القناة لمن لا يستطيع شرائها.
سببٌ آخر شائع هو نقص فيتامينات "ب"، وخاصة فيتامين B12.
فمن هم أكثر الأشخاص عُرضة لهذا النقص؟
في هذه الحالات، من الضروري تعويض نقص فيتامينات "ب"، فكيف يتم ذلك؟
ينبغي أن نُركّز في غذائنا على البروتين الحيواني، وخاصة اللحوم الحمراء.Methylcobalamin.
وطبعًا لا داعي للتأكيد على أن أيّ شخص يعاني من مشكلات في الجهاز الهضمي، لا بد من حلّها أولاً.
هناك سبب ثالث أيضًا، وهو ممارسة التمارين الرياضية
فخلال التمارين الرياضية، خاصةً تلك التي تتضمّن رفع الأوزان أو أي تمرين يُحمّل العضلات فوق طاقتها، يحدث تكسّر في الألياف العضلية لكي تُعاد بناؤها لاحقًا بشكلٍ أكبر وأقوى.
الحلّ في هذه الحالة هو التركيز على تحسين عمليات الاستشفاء العضلي بعد التمرين، وذلك من خلال التغذية الجيّدة والنوم الكافي لعددٍ مناسب من الساعات.
ويُعدّ الكركمين وفيتامين C من أفضل العناصر التي تدعم عملية الاستشفاء العضلي.
وعلى العكس تمامًا، فإن الأشخاص الذين لا يتحركون إطلاقًا، والذين يتّسم نمط حياتهم بالخمول التام... بالطبع ستتأثر لديهم الدورة الدموية، وهذا يعني أن الدم قد لا يصل بشكلٍ كافٍ إلى العضلات.
والدم هو الذي يحمل العناصر الغذائية الأساسية والهامة، فلو كنتِ لا تتحركين... من فضلك تحركي يا سيّدتي.
أنشئي لنفسك روتينًا للحركة، امشي يوميًا لمدة نصف ساعة.
فالخمول وعدم الحركة لن يُسبّبا فقط التنميل والوخز، بل سيتسبّبان في جميع أنواع الأمراض النفسية والجسدية التي قد تتخيّلينها.
وبالطبع، فإن قلّة النوم والتعرض للتوتر والضغوط تؤثر على توازن الهرمونات في الجسم، وهذا قد يُسبّب الشعور بالوخز والتنميل أيضًا.
ومع كل هذه الحالات، أنصح بشدة بالتركيز على مشروبات الأعشاب المضادة للالتهاب والتي تعمل على تهدئة الجهاز العصبي، ومعظمها متوافر في بيوتنا جميعًا... مثل شاي الكركم، والزنجبيل، والنعناع، والبابونج، ويمكن أيضًا استخدام زهرة الآلام (الباشون فلاور) إذا كانت متوفّرة.
الشعور بالوخز في العضلات، بشكل عام، ليس عرضًا مقلقًا ما دام غير مستمر ولا يتزايد بشكل ملحوظ، أي أنني أشعر به بين الحين والآخر.
ما دام ليس مصحوبًا بتغيرات في الإدراك، أو الحركة، أو الرؤية، أو بأعراض أخرى موجودة باستمرار، مثل ضعف العضلات، أو آلام المفاصل، وغير ذلك.
وهذا يقودنا إلى الإجابة عن سؤال: متى أقلق من وخز العضلات؟ أو ما هي المشكلات الصحية التي قد يكون وخز العضلات دليلًا على وجودها؟
ركزوا معي الآن... سأذكر لكم أكثرها شيوعًا، لأنها كثيرة جدًا.
أولًا: الفيبروميالجيا أو الألم العضلي الليفي
ولكن، هل كل وخز في العضلات يعني بالضرورة فيبروميالجيا؟
لا... إنما إذا كان الوخز يتكرر كثيرًا جدًا، ومصحوبًا بآلام عضلية شديدة ومتكررة، ومستمرة معكِ منذ ستة أشهر على الأقل، مع وجود أرق أو صعوبات في النوم، بالإضافة إلى الاكتئاب... ففي هذه الحالة، من الضروري التوجّه للفحص والتأكّد من الحالة.
ثانيًا: اضطرابات المناعة الذاتية
فهي بالطبع من أكثر المشكلات الصحية المسببة للالتهاب.
مثلًا: الروماتويد والذئبة الحمراء... وهذان المرضان يمكن أن يُثار الشك نحوهما إذا كنت تعاني من آلام والتهاب متكرر في المفاصل، مع تيبّس صباحي.
متلازمة شوغرن... قد تُفكر فيها إذا كان الوخز مصحوبًا بجفاف شديد في الجلد والفم والعينين، وقد يكون مصحوبًا أيضًا بآلام في المفاصل، وهنا لا بد من التوجّه للفحص.
مرض مثل الوهن العضلي الوبيل... وهو مرض نادر نسبيًّا، ولكن إذا كان التنميل مصحوبًا بضعف في العضلات، وصعوبات في البلع، والكلام، والتنفس، ففي هذه الحالة يجب التوجه فورًا للفحص.
التصلّب اللويحي... إذا كان الوخز مصحوبًا بفقدان متكرر للتوازن، أو تغيّرات في الرؤية، أو وخز وتنميل شديد ومتكرر في الأطراف، أو تغيّرات في وظيفة المثانة، كأن تزداد الحاجة للتبول أو تقلّ عن المعتاد... فلا بد من التوجّه للفحص.
اضطرابات الغدة الدرقية، مثل مرض هاشيموتو... إذا كان الوخز مصحوبًا بفقدان في الطاقة، وشعور دائم بالإرهاق، مع زيادة في الوزن وتساقط في الشعر لمدة طويلة نسبيًّا، فنحن بحاجة لفحص هرمونات الغدة الدرقية والاطمئنان عليها.
ومهما كان السبب وراء شعورك بوخز العضلات، فغالبًا ما يكون الالتهاب طرفًا فيه... لذا أنصحك بشدة بمشاهدة الحلقة التي تحدّثنا فيها عن "الالتهاب طويل الأمد منخفض الشدة"، والتي ستظهر الآن.